الخميس، 16 فبراير 2012

كن أنتَ البطل!



كن أنتَ البطل!

 
 -يا عم هو أنا اللي هعدلها!
 - ده أنا محتاج لحد يساعدني
إننا وأثناء ضغوط الحياة والتوتر الذي نعيشه يوميًّا ومتطلبات الحياة التي لا تنتهي، وبسبب الإدراك الخاطئ للكثير من المفاهيم والقيَم والأولويات - نجد الكثير من الناس لا يفكر إلا في نفسه ومصالحه الشخصية فقط، ولا يحاول مساعدة من يحتاج إلى مساعدة، وأنا لا ألوم أحدًا من هؤلاء؛ فقد كان هذا تفكيري في يوم من الأيام، وكنتُ أكلم نفسي قائلاً: عندما تستقر أحوالي أكثر فسوف أساعد من يحتاج إلى مساعدتي، وسوف أمُد يد العون للكثير من الناس، ولكني اكتشفت أن كل يوم تزداد الحياة سرعةً، وكل يوم يزداد تخبطي وتوتري وكأنني في دوامة لا تنتهي دوائرُها.
منذ بضعة أيام اتصلتُ بصديق لديه شركة لتوريد الكمبيوتر، وكان سبب علاقتي به هو العمل حيث كان لديَّ وكالة إعلانية ومطبعة، وكان هو أحد العملاء لديَّ، فقال لي مستغربًا: كيف فعلتَ هذا؟!! 
قلت له: ما هذا؟!
قال: وأنا أشاهد "صباح الخير يا مصر" صباحًا وقبل ذهابي إلى العمل شاهدتك في البرنامج وأنت تتكلم عن التغيير والتنمية الذاتية ومساعدة الناس حقًّا؛ لقد انبهرت لما تقوله، ولهذا التحوُّل الذي تمَّ في حياتك، فكيف فعلتَ هذا وما السبب الذي جعلك تفعل كل هذا؟!!
فقلت له: كما تعلم عندما تعرَّفت عليك منذ خمسة عشر عامًا، وأنا في مقتبل عملي في مجال الدعاية والإعلان وكأي شاب كان هدفي الأكبر هو الحصول على المال معتقدًا أنه سيحل كل مشاكلي ويحقق لي السعادة الغائبة، ولكنني اكتشفت بعد ما حققت الذي أريده أن هذا ليس ما أريد، وأنني لا أزال غير سعيد وأنني لا يزال ينقصني شيء لا أعرفه.
فكَّرْت ربما يكون ما أريده هو الزواج معتقدًا أنه ربما يجعلني راضيًا وسعيدًا؛ فتقدمت لخطبة إحدى البنات والتى رشحَّتها لي أمي، وبالرغم من كون البنت جميلة ومحترمة ومن أسرة محترمة إلا أنني لم أشعر يومًا بالسعادة، وأنني لا زلت غير راضٍ وظل داخلي شعورٌ بعدم الرضا والفراغ الداخلي.
إلى أن قرأتُ كتابًا للمحاضر والمدرب العالمى أنتوني روبنز، وقد ساعدني هذا الكاتب على إحداث الكثير من التغييرات في حياتي، وأكثرها تأثيرًا هو أنني اكتشفت غايتي من الحياة ووجدت سعادتى القصوى ورضاي عن نفسي  في مساعدة الآخرين والإسهام في إنجاح حياتهم وجعل حياتهم أفضل وأشرَقَ.
ردَّ عليَّ: صدقتَ، يا صديقي؛ فأنا لم أعد أقرأ كما كنْت من قبل، ولم أعد أكتب كما كنت من قبل؛ فقد أصبحت حياتي نسخة واحدة تتكرر كل يوم من شيكات عملاء ترتد، ومن عملاء لديهم مشاكل وموظفين متعبين، وما إن أدخل المنزل حتى أبحث عن شيء يفصلني عن همومي، وهو التلفزيون قد لا أكون مركزًا معه، ولكني انفصل به مؤقتًا عن همومي إلى أن أدخل وأنام لتبدأ مرَّة أخرى النسخة المكررة.
فقلت له: لا بد لك من وقفة لتعيد فيها حساباتك وتعطي حساب عن وكالتك؛ لقد أعطاك الله وكالة، وأنت الوكيل عليها، وهذه الوكالة هي مالك وصحتك ووقتك ومالك.
فكيف تستثمر كل هذا؟
هل هذا هو أفضل استثمار؟
هل ما تفعله الآن هو الاستثمار الأمثل؟
لا شك أن الحياة سريعة جدًّا والضغوط التي نتعرض لها يوميًّا لا حصر لها، غير أننا وفي أعماقنا وبداخلنا رغبة لفعل الأشياء الصحيحة، وربما تختفي تحت سطح الضغوط والمشكلات التي نواجهها كل يوم، ولكنها لا زالت موجودة وتظهر بوضوح في الكوارث مثل انهيار مبنى أو حريق أو حادثة قطار تجد الكل يتسارع لإنقاذ ومساعدة المحتاجين، وربما تعرض نفسك للخطر والموت لإنقاذ شخص أنت لا تعرف اسمه أو دينه أو اعتقاده أو عمله أو أي شيء عنه.
ما هذا؟
إنها النزعة الروحية أو هي محاولة من اللاشعور لديك لتلبية احتياجات أنت الروحاني كما أسميه، هي رغبة لترك مصالحنا الشخصية لنتحرر في ظل غاية أسمى تجمعنا جميعًا في اتجاه واحد.
لدينا جميعًا نزعة لأن نعيش غايتنا وأن نكتشف الغرض الذي من أجله أتينا للحياة، فلن تشعر بالسعادة والرضا عن النفس بعيدًا عن غايتك، وبعيدًا عن  الإسهام في حياة الآخرين والمساعدة لهم.
ما أجمل أن تكتشف غايتك من الحياة!
ما أجمل هذا الشعور عندما تعرف أن لحياتك معنى!
ما أجمل أن تترك أثرًا في الحياة ربما من خلال طفل جميل، أو حديقة غنَّاء أو مساعدة مسكين أو محتاج، ولو بقليل، وربما بكلمة تقدير أو تشجيع!
عندما تكتشف غايتك من الحياة وتعيشها فسوف تلاحظ الإشارات الخضراء بدلاً من الحمراء.
سوف تلاحظ الناس الذين يحبونك بدلاً من غيرهم.
سوف تلاحظ المرات التي تنجح فيها بدلاً من ضدِّها.
سوف تلاحظ المستقبل المشرق بدلاً من التركيز على الماضي المظلم.
صديقي، إن الإنسان الذي يعيش غايته..
هو إنسان لديه شجاعة ليقوم بأفعال فريدة، وذلك في أشد الأوقات صعوبة وأكثرها قسوة.
هو إنسان التزم وطلب من نفسه أكثر مما يطلبه أو يتوقعه الآخرون منه.
هو إنسان تغلَّب على خوفه وتخلص منه.
هو إنسان تعهد لنفسه أن يفعل الأشياء الصحيحة مهما كلفه هذا.
قد يقول البعض: ما الذي يمكنني أن أفعله بمفردي؟!
أقول: إذا كانت امرأة واحدة ضعيفة لا تملك من المقومات سوى إيمانها بقضية المحتاجين، وهي الأم تريزا - استطاعت أن تفعل الكثير من أجل هؤلاء وأن تؤثر في حياة الآخرين؛ فأنا وأنت ماذا يمكننا أن نفعل؟!
يمكننا أن نحرك بعض القضايا على الأقل.
يمكننا أن نعلم طفلاً قد يكون يومًا ما صلاح الدين المستقبل.
يمكننا أن ننقذ طفلاً من المرض قد يكون هذا الطفل هو غاندي المستقبل.
يمكننا أن نساهم في تحسين حياة الكثيرين.
فقط.. 
ثق بنفسك وآمِن بأنك إنسان خُلِقتَ من أجل غاية أسمى.
ثق وسوف تجد قوة تساندك هي قوة الله العليِّ.
ثق وسوف تلاحظ المعجزات التي تحدث بين عشيَّةٍ وضحاها.
لذلك تعلَّم أن تعطي من كل قلبك..
أعطِ بحب وقلب مليءٍ بالرحمة لهؤلاء الذين يحتاجونك..
أعطِ وثق أن ما تعطيه محفوظ لك..
دعني أسألك، يا صديقي:
كيف يمكننا أن نغير مستقبل بلادنا؟
بالتأكيد يمكننا أن نغير المستقبل بتغيير تفكير الاغلبية تجاه المستقبل.
ومَن الأغلبية؟
أليسوا الشباب والأطفال؟
ما الذي نقدمه لهم كقدوة؟
ما القيم التي نقدمها لهم اليوم؟
هل ما نقدمه لهم اليوم يمكن أن يجعل المستقبل كما نريد؟
تأكد أن ما نقدمه لهم اليوم هو ما سنجنيه غدًا.
صحيح أننا لا نستطيع أن نسيطر على  العالم الخارجي، ولكن العالم الوحيد الذي نستطيع أن نسيطر عليه هو عالمنا الداخلي، وهو القرارات التي ستأخذها بخصوص هولاء الأطفال والشباب.
القرارُ قرارُك.
مدرب التغير و الكاتب والباحث فى التنمية البشرية   ايهاب ماجد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق