الخميس، 16 فبراير 2012

كل شيء أحب أن أراك ناجحًا


كل شيء أحب أن أراك ناجحًا

النجاح الداخلي والخارجي:
هناك مستويان من النجاح: أولهما النجاح الداخلي، والثاني هو النجاح الخارجي
وكما نرى أن النجاح الخارجي هو الوصول لأهدافك
وقد يكون هدفك هو امتلاك شقة، فيلا، عمارة، سيارة، وقد يكون هدفك أن تتزوج زوجة صالحة وفيَّة، أو أن يكون لديك من المال ما يكفيك وما يجعلك قادرًا علي فعل الخير مع الآخرين (افعَل الخير حتي وإن كنت لاتمتلك مليمًا واحدًا).
وقال الشاعر:
وَمَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لا يَعْدِمْ جَوَازِيَهُ * لا يَذْهَبُ الْعُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ
وقد يكون حلمك أن تمتلك شركة عظيمة تغير بها العالم كله، أو أن تحصل علي وظيفة مثالية في شركة مثالية.. إلخ.
وهنا سؤال مهم:
هل يمكن أن تحقق كل هذا؟
أنا أعرف الكثير من هؤلاء الذين حققوا ما يريدونه في الحياة، فهل تعرف أنت أحد هؤلاء؟
هل يمكن أن تحقق كل هذا، وفي النهاية لا تشعر بالرضا أو السعادة؟
أنا أعرف الكثير جدًّا جدًّا من هؤلاء الذين حققوا كل مايريدونه في الحياة، ورغم ذلك لا يشعرون بالرضا أو السعادة.
هل تعرف أحدهم؟
بالفعل يمكنك أن تحقق كل ماتريده في الحياة، ولكن هذا ليس كافيًا حتي تشعر بالسعادة الحقيقية أو الرضا الكامل عن نفسك أو السلام الداخلي الذي تَنشُدُه..
إذن فلماذا تفعل ماتفعل؟
في دوراتي التدريبية عن الأهداف وتحديدها وتحقيقها وتحويلها إلي واقع ملموس أطلب من أحد الحاضرين أن يشاركني هذه التجربة:
تقدم أحد تلاميذي المتميزين، وهو عبد الله، ودار بيننا الحوار التالي:
إيهاب:  اذكر لي هدفًا تريده في خلال 6 شهور، هدفًا سهلاً ويمكن تحقيقه خلال هذه المدة.
عبد الله: أريد أن أكمل كورسات اللغة الإنجليزية التي بدأتها.
إيهاب: تخيل معي أنك حققت ذلك واستطعت أن تتكلم الإنجليزية بطلاقة، ما هو أهم من ذلك، وماذا بعد ذلك؟
عبد الله: أريد أن آخذ شهادة علمية، وهي الماجستير.
إيهاب: تخيل معي أنك حصلت علي هذه الشهادة، فكيف ستشعر وقتَها؟ وما أهم من ذلك؟ وماذا بعد ذلك؟
عبد الله: هذا إحساس رائع أود أن أحصل علي الدكتوراة.
إيهاب: تخيل معي أنك حصلت علي الدكتوراة، فكيف ستشعر وقتَها؟ وما أهم من ذلك؟ وماذا بعد ذلك؟
عبد الله: سأبحث عن وظيفة مناسبة.
إيهاب: تخيل معي أنك حصلت علي الوظيفة المثالية التي تحلم بها ما أهم من ذلك؟ وماذا بعد ذلك؟
عبد الله: ضاحكًا.. أتزوج وأنجب أولادًا
إيهاب: تخيل معي أنك تزوجت وأنجبت أطفالاً وربيتهم أفضل تربية ما أهم من ذلك؟ وماذا بعد ذلك؟
عبد الله: أن أرضي الله في حياتي، وأساعد الآخرين.
إيهاب: شكرًا، يا عبد الله!
إن الناس تفعل وتريد ماتريد؛ وذلك للوصول إلي حالة من هذه الحالات:
الإحساس بالرضا عن النفس
أن أرضي الله
أن أشعر بالسعادة
أن أشعر بالسلام الداخلي والطمأنينة والأمان
أن أكون قد حققت رسالتي في الحياة
فإذا كان هذا أهم ما في الحياة فلماذا تهمله ولا تبحث عنه من البداية؟
إذا كان هذا ما تبحث عنه فلماذا تنتظر كل هذا للحصول عليه؟
هل يمكن أن نهتم بالملابس أكثر من الجسد الذي يرتدي هذه الملابس؟
هل من المعقول أن نهتم بالضيوف أكثر من صاحب الحفل؟
هل من المعقول أن نهتم بالطبيب أكثر مما نهتم بالدواء الذي ينصحنا به؟
ماوصلت إليه في النهاية مع عبد الله في التجربة السابقة هو ما تقصده بالنجاح الداخلي -  متي تشعر بالنجاح الداخلي؟
عندما تتعرف علي تمنياتك من الحياة عندما تعرف ما هي رسالتك الحقيقية في الحياة.
النجاح الداخلي
هو أن تشعر أن لحياتك معني، هو أن ترى الحياة بوجودك.
هو أن يكون لوجودك تاثير إيجابي في حياة الآخرين، هو أن تشعر أن ما تفعله يسهم في حياة الآخرين
هو الإساس الذي يجب أن تبني عليه النجاح الخارجي.
هو الجوهر الذي يجعل للحياة روحًا ومعني مختلفًا عن الآخرين.
هو الذي يجعلك تحب وتستمتع بالنجاح الخارجي كثيرًا بعكس ما يحدث من أن تمتلك ما تريد فتسْعَد به لمدة أسبوع أو شهر بالأكثر ثم تجد أن هذا الإحساس لايستمر كثيرًا.
تذكر معي وأنت طفل صغير:
كم كنت تتخيل أنك بامتلاكك لهذه اللعبة فسوف تسعد كثيرًا، وبعد ان تمتلكها تكون سعيدًا جدًّا بها لمدة يوم أو اثنين أو ثلاثة وبعدها يقل إحساسك بها ثم تصبح بعد أسبوع شيئًا عاديًّا جدًّا، وبعد أسبوعين من الممكن ألاَّ تتذكر أنَّها موجودة أصلاً، وهكذا الحال مع النجاح الخارجي بدون النجاح الداخلي.
إن النجاح الداخلي هو التزامك الحقيقي بالمبادئ العليا.
هو التوافق بين حياتك التي تعيشها والمبادئ العليا.
هو أن يتسق ما تقوله مع ما تفعله.
هو أن تكون حقًّا الإنسان الذي تظهره للآخرين.
هو أن يكون الخارج هو الداخل.
هو أن يكون ما يحركك هو المبادئ العليا وليس الأهواء الشخصية أو الظروف المحيطة.
هو أن تكون صادقًا حتي وإن كان العالم حولك كاذبًا.
 هو أن تكون أمينًا حتي وإن كان العالم حولك غاشًّا؟
هو أن تكون خيِّرًا حتي وإن كان العالم حولك شريرًا؟
هو أن تكون مؤمنًا حتي وإن كان العالم حولك كافرًا؟
هو أن تكون بشوشًا حتي وإن كان العالم حولك متجهِّمًا.
هو أن تكون مخلصًا حتي وإن كان العالم حولك خائنًا.
هو أن تكون ناجحًا حتي وإن كان العالم حولك فاشلاً.
هو أن تكون ملتزمًا حتي وإن كان العالم حولك مستهترًا.
هو أن تكون مُحِبًّا حتي وإن كان العالم حولك كارهًا.
هو أن تكون مسامحًا حتي وإن كان العالم حولك مُبغِضًا.
هو أن تكون رحيمًا حتي وإن كان العالم حولك قاسيًا.
هو أن تكون متطوعًا حتي وإن كان العالم حولك مانعًا.
هو أن تكون كريمًا حتي وإن كان العالم حولك بخيلاً.
هو أن تكون متحمسًا حتي وإن كان العالم حولك محبطًا.
هو أن تكون طاهرًا حتي وإن كان العالم حولك نجسًا.
هو أن تكون مجتهدًا حتي وإن كان العالم حولك كسولاً.
المبادئ هي جوهر النجاح الداخلي، وتتميز المبادئ بأنها فطرية، أي: قد فطرنا الله علي المبادئ، المبادئ ثابتة لا تتغير من جيل إلي جيل، ومن مكان إلي مكان فالصدق صدق مهما كان الزمان والمكان.
المبادئ لاتتاثر بالمصالح الشخصية فيجب أن تكون صادقًا حتي وإن أخر ذلك المصالح الشخصية.
المبادئ لا تتأثر بالمعوقات والأزمات والتحديات فالأمانة هي الأمانة في أسوأ المواقف واصعب التحديات.
المبادئ ليس لها علاقة بالدين فالإخلاص هو الإخلاص مهما اختلف الدين.
المبادئ ليس لها علاقة بالنوع فالتسامح هو التسامح بغض النظر أرجلاً كنتَ أم امرأةً.
المبادئ ليس لها علاقة بالوطن فالانتماء هو الانتماء بغض النظر عن وطنك أو بلدك.
هل يمكن أن يحدث النجاح الخارجي بدون الداخلي؟
طبعًا يمكن ذلك حينما يمكن أن يتلاعب الإنسان، إنها النفس التي تظهر بمظهر غير موجود فيها، ومن الممكن أن يكون لديها دوافع وأسباب خفية لا أحد يعرفها.
غير أن هذه النفس لن تشعر يومًا بالرضا عن نفسها.
غير أنها لن تشعر يومًا بالسعادة.
غير أنها لن تشعر يومًا بالأمان.
غير أنها لن تشعر يومًا بالسلام والطمانينة.
هذا بالإضافة إلي أن ما بداخلك سوف يظهر في الأوقات العصيبة دون أن تقصد سيظهر الإنسان الحقيقي الموجود بداخلك، وكما سمعت من استاذي وين داير: إذا عصرت برتقالة ماذا يكون الناتج؟
لن يكون إلا ما بداخلها.
شكرًا
مدرب التغيير و الكاتب والباحث فى التنمية البشرية ايهاب ماجد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق